الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد... فالصدقة هي: ما تعطى على وجه التقرب إلى الله تعالى، فيخرج بذلك الهدية ونحوها مما يعطى على وجه التواد والمحبة فلا تدخل في مسمى الصدقة المختصة ببعض الأحكام في الشرع، ولذا كان عليه الصلاة والسلام يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة كما في الصحيحين، ومن هنا يمكن التفريق بين العطايا التي تضمنها السؤال، فليس كل ما يدفعه الإنسان للآخرين تجرى عليه أحكام الصدقة، بل منه ما يدخل في أحكام الهدية ومنه ما يدخل في أحكام الصدقة بحسب قصد باذلها وهذا يظهر من قرائن الحال.
ثم إن الصدقة منها ما هو من قبيل الزكاة الواجبة، ومنها ما هو من قبيل صدقة التطوع.
فأما الزكاة الواجبة فلا تجوز إلا للأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [التوبة:60]، وإذا علم الشخص أنه ليس واحداً منهم فلا يحل له أخذ الزكاة.
وأما صدقة التطوع فالأمر فيها أيسر وإن كان الأولى بالمسلم أن يتورع عنها قدر استطاعته، ويشتد المنع بحسب استغناء المسلم عنها، والتعبير عن الزكاة بأنها أوساخ الناس تعبير صحيح ثابت عن النبي – صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم (1072) من حديث المطلب بن ربيعة في قصة سؤاله من الزكاة فقال عليه الصلاة والسلام إنها لا تحل لآل محمد إنما هي أوساخ الناس.
وهل يدخل فيها صدقة التطوع؟
يحتمل ذلك لأن العبد إنما يبذلها تطهيراً لنفسه فهي في حقه طهرة وتكفير سيئات ورفع درجات وفي حق الآخذ نوع من الوسخ يستغني عنه ما استطاع.
بقي تنزيل ما تقدم على ما ذكر في السؤال كالتمور فيقال: إن كانت من قبيل الصدقة وهي مما يجمع من الناس أو ترسل المؤسسات الخيرية التي تجمع الصدقات من الناس ونحو ذلك مما يغلب على الظن أنه كذلك، والتورع عنه أفضل وتركه أولى، وإيثار المحتاج به أعظم في الأجر، فإن كان الشخص محتاجاً إليه فلا بأس بأكله إن شاء الله.
وأما لو فرض أن تلك التمور مثلاً من الدولة أو من يمثلها فهذه لا تعد صدقة وإنما عطية من بيت المال فالأمر فيها أيسر بكثير من السابق فقد تلحق بجنس الهدية والهباتوالله اعلم....................